
سوق السواحل: بوابة إلى الظلام
انغمس في غبار وغموض عالم غريب
Steve Iskenderian
12/15/20241 دقيقة قراءة



تحت سماء برتقالية مشبعة بالغبار، حيث يلف الضوء بقايا المدينة بطبقة من الحزن الثقيل، بدأ الشارع يتسع تدريجيًا كلما اقترب غريب وصُلْح من القوسين الكبيرين. كانا أشبه بحارسين متعبين يطلان على فوضى سوق السواحل. الأصوات المتداخلة من صيحات الباعة، صرخات المساومة، وضجيج الحشود، خلقت دوامة بشرية يصعب فك طلاسمها.
همس غريب بصوت خافت وهو يراقب المكان بعينيه الحادتين:
— خفّض رأسك.
رد صُلْح، بنبرة لا تخلو من براءة ممزوجة بالإثارة:
—عجيب! نحن في عملية؟
لم يرد غريب، كان ذهنه مشغولًا بالصورة التي امتدت أمامه. المباني المحيطة بالسوق كانت شاهقة، وكأنها أطلال نسيها الزمن. بعضها كان ذا تصميم أسطواني، يذكر بالقلاع الإمبراطورية من العصر الأول. فوقها تراكمت أسلاك متدلية وأطباق صدئة، شاهدة على عالم يرفض الانهيار رغم كل شيء.
أما السوق نفسه، فقد تشكّل على هيئة مستطيل، تصطف الأكشاك فيه بشكل محكم حول الساحة المركزية. في الزوايا الأربع، ارتفعت أبراج مراقبة ضخمة، صامتة، لكنها تحمل هيبة لا تخطئها العين. ومع ذلك، ما خطف الأنظار كان الهيكل الذي توسط الساحة.
هرم معدني نحيل بارتفاع خمسة عشر مترًا، بدا هشًا في بنيته لكنه محاط بهالة من الغموض. قاعدته من الرخام الوردي نُقشت عليها رموز دائرية، تنبض بطاقة خفية. في وسط الهيكل، ارتفعت حلزونية مزدوجة تشبه السلم الملتوي، تعلوها كرة مضيئة، تبعث وهجًا خافتًا لكنه مُبهر. كان هناك درج يلتف حول القاعدة، يؤدي إلى منصة مرتفعة، وكأنها بوابة لمكان أكثر قدسية.
عندما اقتربا من أولى الأكشاك، شقّ طائرٌ آلي ضخم طريقه عبر الهواء، مما اضطرهما للتراجع قليلًا نحو الحشود المكتظة. الهواء كان خانقًا، مشبعًا بغبار تصاعد من الأقدام التي لا تهدأ. الأكشاك ازدحمت بالبضائع: قطع ميكانيكية معاد تدويرها، أطعمة معدّلة وراثيًا، وفاكهة زرقاء زاهية اللون، أشبه بشيء غريب من عالم آخر.
وفوق الجميع، كانت الزوارق الطائرة تتنقل بلا هوادة، تلقي صناديق البضائع للتجار المنشغلين بملء أكشاكهم، بينما يتفاوض المشترون بحدة. الحركة كانت بلا توقف، كأن السوق نبضُ قلب المدينة ذاته.
غريب، بحذر شديد، سبق صلح بخطوات، متسللًا تحت ظلال قماش أحمر يغطي أحد الأكشاك. توقف للحظة، مراقبًا بحذر. الجو حوله تغيّر فجأة؛ الهواء امتلأ بشيء ثقيل، مشحون بتوتر لا يُخطئ.
ثم ظهرت السفينة الإمبراطورية. هبطت ببطء خلف الهرم، محركاتها تئن بهدوء كوحش يستعد للانقضاض.
تجهم وجه غريب، وارتسمت عليه خطوط القلق. السوق، رغم كل ضجيجه وحياته، أصبح فجأة ساحة صيد. الإمبراطورية أعلنت حضورها. كان الخطر أقرب مما أراد.
اغمر نفسك في المغامرة !
احصل على نسختك من القصة المصورة الآن
Digital Version available at:
Copyright 2022 - Steve Iskenderian - All Rights Reserved





